بُصرى الشام.. مدينة أثرية تنزف سياحيًا بين الإهمال الرسمي وتطلعات السكان

رغم ما تحمله من عبق التاريخ ومكانة موثقة على لائحة التراث العالمي، تعيش مدينة بُصرى الشام جنوب سوريا واقعًا سياحيًا متدهورًا، وسط غيابٍ لافت للدعم الحكومي، وارتفاع أصوات محلية تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ ما تبقى من ملامحها الحضارية.
وقال نضر الدوس، عضو اتحاد تنسيقيات الثورة السورية في درعا، إن المدينة شهدت مؤخرًا بوادر انتعاش سياحي "خجولة"، مع تخفيف بعض العقوبات الدولية عن سوريا، وهو ما سمح بعودة محدودة للزوار. إلا أن هذا الحراك لم يدم طويلًا، حيث أسهمت التوترات الأمنية الأخيرة في جنوب البلاد، لا سيما الصراع المتصاعد بين إيران وإسرائيل، في إحداث شلل شبه تام في الحركة السياحية، وجعلت المدينة تبدو خاوية من الزوار.
بُصرى الشام - محافظة درعا
تُعد بُصرى الشام واحدة من أقدم المدن المأهولة في التاريخ، وتقع في محافظة درعا جنوب سوريا. ازدهرت في العهدين النبطي والروماني، وكانت عاصمة لإقليم سوريا الروماني الثاني. تحتضن المدينة مدرجًا رومانيًا يُعد من الأكبر والأفضل حفظًا في العالم، إضافة إلى قلعة ضخمة وكنائس ومساجد ومنازل أثرية تعود إلى عصور مختلفة.
وقد سُجلت المدينة عام 1980 على لائحة التراث العالمي لليونسكو، نظرًا لقيمتها التاريخية والحضارية النادرة، وهي واحدة من المدن القليلة التي لا تزال مأهولة داخل حدودها الأثرية.
مشكلات مزمنة في قلب المدينة التاريخية
زهير المقداد، وهو بائع جوال يعمل في محيط المدرج الروماني منذ أكثر من أربعين عامًا، يصف الواقع السياحي بالمأساوي، مشيرًا إلى أن غياب الاستقرار الأمني، وافتقار المدينة لأي استثمار فعلي في بنيتها التحتية، يشكلان أبرز العوائق.
ويضيف المقداد: "فندق بُصرى الشام، الذي كان يومًا ما واجهة سياحية للمدينة، أصبح اليوم مدمّرًا بالكامل، ولا وجود لأي تحرك حقيقي لإعادة تأهيله أو إنشاء بدائل. كذلك، تغيب المكاتب السياحية، سواء المحلية أو الخارجية، عن الترويج لمعالم المدينة."
وتبرز جملة من التحديات الأخرى التي تقوّض القطاع السياحي:
-
غياب الإنارة والخدمات الأساسية في المدينة القديمة والمناطق المحيطة بها.
-
نقص في الكوادر المختصة بالصيانة والنظافة ضمن المواقع الأثرية.
-
بطء شديد في أعمال الترميم للمباني المتضررة جرّاء الحرب.
-
فقدان اللوحات التعريفية بالمواقع، ما يُضعف من قيمتها التثقيفية والتاريخية.
-
غياب الاستثمارات نتيجة انعدام البيئة الآمنة والتسهيلات الحكومية.
-
غياب الدعم الفني والمالي للأسر المقيمة ضمن النطاق الأثري.
وتُظهر بيانات محلية أن عدد سكان بُصرى الشام ضمن حدودها التاريخية بلغ قبل عام 2011 نحو خمسة آلاف نسمة، موزعين على أكثر من ألف عقار سكني وأثري وخدمي. وبوصفها مدينة مأهولة ومسجلة على لائحة التراث العالمي، يفترض أن تكون مؤهلة للحصول على دعم دولي لإعادة تأهيلها وتنشيط السياحة فيها.
تحركات رسمية محدودة وتطلعات محلية
في ضوء هذا التردي، طالب عدد من الأهالي وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار والمتاحف، بتنظيم زيارة ميدانية عاجلة للمدينة، والاستماع إلى مطالب السكان، وعلى رأسها تأمين الخدمات الأساسية، وتفعيل برامج الترميم والدعم المجتمعي.
وفي تصريح خاص، قال عبدالله أحمد المقداد، رئيس مجلس مدينة بُصرى الشام:
"سيتم فتح المجال لاستثمار الحدائق والمقاصف القريبة من المواقع الأثرية في الأيام القليلة القادمة، ضمن خطة تهدف لتحسين بيئة المدينة المحيطة بالمواقع السياحية."
كما أشار إلى الحاجة الماسة إلى زيادة عدد العاملين في مجال النظافة والزراعة، مؤكّدًا أن المجلس سيرفع مقترحات بهذا الخصوص إلى الجهة الإدارية الأعلى.
وفي المقابل، امتنعت مديرية آثار بُصرى الشام عن الإدلاء بتصريحات صحفية، مشيرة إلى تعليمات من المديرية العامة للآثار والمتاحف في دمشق تمنع التصريح الإعلامي في الوقت الراهن.
في ظل ما تختزنه بُصرى الشام من إرث تاريخي وإنساني استثنائي، يبدو أن استمرار تهميشها سياحيًا وثقافيًا يُهدد ليس فقط معالمها، بل هويتها ومكانتها كواحدة من أقدم مدن العالم المأهولة. وبين غياب الدعم الرسمي ومحدودية التحركات المحلية، يبقى السؤال مفتوحًا:
هل تستعيد بُصرى الشام ألقها يوماً، أم تظل أسيرة الإهمال والنسيان؟
- جريمة قتل في بلدة نصيب بريف درعا والثوار يلقون القبض على الفاعل
- التقرير الحقوقي لمحافظة درعا ليوم الاحد 15-6
- التقرير الحقوقي لمحافظة درعا ليوم الأثنين 16-6
- التقرير الحقوقي لمحافظة درعا ليوم الثلاثاء 17-6
- التقرير الحقوقي لمحافظة درعا ليوم الأربعاء 18-6
- التقرير الحقوقي لمحافظة درعا ليوم الخميس 19-6
- التقرير الحقوقي لمحافظة درعا ليوم السبت 21-6
مواضيع ذات صلة
- SYRCU
- فعالية الانتخابات الشرعية
- تسجيل شكوى
- الانتساب للاتحاد
- النظام الداخلي
- اتصل بالاتحاد
في صفحات موقعنا
أكثر المواضيع تفاعلا